يمثل مبنى قصر الحصن رمزاً لنشأة أبوظبي ومثالاً للشموخ والأصالة فيها، وهو أول مبنى يتم تشييده في الإمارة، ليصبح بعد ذلك مقراً لإقامة أجيال متعاقبة من أسرة آل نهيان الحاكمة.
نشأ قصر الحصن في ستينيات القرن السابع عشر كبرج للمراقبة شيّده شيخ قبيلة بني ياس الشيخ ذياب بن عيسى المتوفى عام 1793م، من الحجر المرجاني البحري. وبموقعه المتميز المطل على البحر، حمى المستوطنة التي نمت حول مصادر المياه التي اكتشفت بالجزيرة.
ومع اكتمال بناء برج المراقبة، استقطبت هذه المنطقة أعداداً كبيرة من السكان الجدد، لدوره في توفير الأمان وإضفاء أجواء الاستقرار والطمأنينة. كما انتقلت قبيلة بني ياس إلى منطقة الساحل، وقرر الشيخ شخبوط بن ذياب حاكم أبوظبي (1795م – 1816م)، تحويل برج المراقبة إلى حصن منيع.
بني الحصن من الأحجار البحرية والمرجانية، وغطيت جدرانه بخليط مصنوع من الكلس والرمال المحلية والأصداف البحرية المطحونة. وبفضل ميزة انعكاس الإضاءة التي تتميز بها الأصداف، فقد كانت جدران الحصن تتلألأ تحت أشعة الشمس ليصبح علامة شاطئية مميزة ترحب بالتجار القادمين إلى المنطقة. وقد اختير خشب أشجار القرم (المانغروف) لتغطية الأرضيات وبناء السقوف لما يتمتع به من صلابة وقدرة على التحمل والدوام لمدة زمنية طويلة.
وفي بداية القرن التاسع عشر، قام الشيخ طحنون بن شخبوط حاكم أبوظبي (1818م – 1833م) بتوسيع الحصن، لتتحول القرية الصغيرة التي تكونت من عدد قليل من الأكواخ المصنوعة من سعف النخيل إلى بلدة كبيرة يقطنها أكثر من خمسة آلاف شخص. ليأتي بعد ذلك الشيخ سعيد بن طحنون حاكم أبوظبي (1845م – 1855م) ليتولى تنفيذ توسعة أخرى إلى الحصن وإضافة مزيد من التحسينات والتطويرات في خمسينيات القرن التاسع عشر.
وبعد فترة من الظروف القاسية التي شهدتها المنطقة بسبب الانحدار والتراجع الذي تعرضت له تجارة اللؤلؤ، عاد الحصن ليتوسع من جديد خلال فترة التنقيب عن النفط واكتشافه بين عامي 1939 و1950. وقد اعتمد الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي (1928م – 1966م) على عائدات النفط لبناء القصر المهيب الذي أحاط بالحصن القديم.
قرر بعد ذلك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة ورئيسها الأول، إجراء أعمال تجديد شاملة على مبنى قصر الحصن، ليحوله بذلك من مقر إقامة للأسرة الحاكمة إلى متحف ومعرض للكثير من القطع والمجموعات الأثرية التي ترتبط بتاريخ أبوظبي ومنطقة الخليج.