يقع المجمّع الثقافي في منطقة قصر الحصن ويحتوي على أول مركز ثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما كان يُستخدم كمكتبة وطنية، ومسرح للعروض، ومركز للمعارض.
صُمم المجمُع في السبعينيات من قبل شركة ذي آركيتكتز كولابوراتيف التابعة لوالتر جروبيوس وتم بناؤه استجابة لرغبة -المغفور له بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في تشجيع وتغذية الوعي الثقافي لكافة مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة. كان المبنى يعبر عن استشراف جوهري جديد لدور الثقافة وكانت الحاجة إلى مثل تلك المؤسسة ايذانا بولادة مرحلة جديدة للإمارات العربية المتحدة.
تتمثل الأهمية السياسية والرمزية للمبنى في الفلسفة الحديثة التي كانت تحكم المجمّع داخليا لعرض وتسهيل الوصول إلى التراث والفن من خلال الاحتفاء بالثقافة المحلية وإبراز تأثيرها وتبادلاتها عالميا، فيما وراء القيمة الظاهرة للرموز التراثية التي أعيد بناؤها. وقد تم الاعتراف بالمجمُع الثقافي اقليميا وعالميا كمركز ثقافي مهم للمنطقة.
ويعد المجمّع الثقافي واحدا من الأمثلة الأكثر نجاحا في أبوظبي على المزج الماهر والمدروس بين العمارة الحديثة والإسلامية، سواء من حيث مبادئ التصميم الأساسية أو التفاصيل الجمالية. وتتضمن الخاصية الانغلاقية للمبنى عناصر من العمارة المحلية بشكل مباشر وتعكس عمارة قصر الحصن من خلال استخدام الخرسانة الخارجية العادية والمكشوفة، والتدريج المنخفض، والخطوط الطولية، والتفاصيل المعمارية. كما أن المهارة في إدماج العناصر البرمجية الثلاثة وهي: التعلم (المكتبة)، وفنون الأداء (المسرح)، والفنون البصرية (قاعة المعرض وغرف الاجتماعات) لصنع مساحة عامة مفتوحة للجمهور (مساحة المعرض) تبرز الكيفية التي يجسد بها التصميم المفاهيم المعمارية الحديثة والإسلامية للتركيز على الوظيفة والهندسة وليس على تماثل التصميم. يبرز ذلك من خلال التصميم الداخلي الشبكي للمبنى، والارتباط بين الأنماط الهندسية، وتكرار العناصر والتي تكرّس جميعها المفهوم الحديث الخاص بالمساحة الشاملة حيث تترابط الأشكال والمساحات عضويا وبشكل انسيابي داخل بعضها البعض من خلال الخاصية التوصيلية المسامية للضوء والظل، والانتقال من مكان لآخر عبر مساحات مفتوحة، والقدرة على الرؤية والوصول إلى الأماكن.
وساهم الطابع المعماري للمبنى في اكسابه أهمية اجتماعية وثقافية كملاذ للإلهام، وحديقة لغرس النمو الفكري، ومساحة تدعو إلى التعبير الفني والتبادل الثقافي، بحيث يمكن الوصول إليها من قبل كافة الأعمار والأجناس والأعراق. وبمرور الوقت، تحول المبنى إلى ملاذ مكاني وعاطفي لمدينة أبوظبي. وفي حين تغيّر دور قصر الحصن من مقر للسلطة إلى ذاكرة المدينة من خلال الملفات الأرشيفية التي كان يحويها، أصبح المجمّع الثقافي قلب ثقافي للعاصمة. وإلى جانب قلعة قصر الحصن، والمجالس الاستشارية الوطنية، والجامع الكبير، ومكتب البريد المركزي السابق، والشريان الرئيسي لطريق مطار أبوظبي، أصبح المبنى عنصرا حيويا لمنطقة الأعمال المركزية في العاصمة والمشهد العام للمدينة.
ونظرا لأهميته التاريخية، والاجتماعية، والمعمارية، والرمزية، والحضارية، فقد سجل المجمّع الثقافي نفسه كأحد الانجازات الرئيسية لدولة الإمارات العربية المتحدة الناشئة، وأحد العناصر الهامة المكونة لذاكرة أبوظبي الحية، ومرحلة جوهرية لتتويج الجهود المستمرة نحو نمو أبوظبي ثقافيا.